قراءة الناقدة السورية الدكتورة كوثر محمد مروان لمجموعة ( ليلة نام فيها الأرق) للقاصة السورية د. عبير خالد يحيي
المجموعة القصصية ليلة نام فيها الأرق في أغلب
نصوصها تحاكي الواقع في تصدعاته و تشرذمه وتعقيداته، وعبثيته أثناء الحرب, غلفت
المجموعة القصصية بمجموعة من المشاعر الإنسانية والدلالات النفسية التي تصيب
الانسان نتيجة انعدام الأمن والأمان تصيب الروح نتيجة ويلات الحروب، كما بينت
المجموعة أثر تلك الدلالات على نفسية الإنسان وماينتج عنها من صراعات تصيبه بأزمات
نفسية، متل مشاعر الخوف، القلق، الفقد, الألم، الانكسار، مشاعر الاغتراب وحيرة،
كما بينت المجموعة أسباب تلك الأزمات والصراعات التي يجد الإنسان نفسه غارقًا
فيها، ردّتها المجموعة الى ثلاثة عوامل
أولًا: الجهل كمارأينا في قصة قرناء السوء
ثانيًا:
الحروب التي ينتج عنها أغلب مٱسي البشرية من فقد واغتراب وضياع وخوف ثالثًا:الاستبداد
التي تمارسه السلطات السياسية على المجتمعات، كما في قصة برغماتي بالمقابل استبداد
كبير الأسرة على عائلته والذي منحه هذا الحق، تعلمه سلطة الاستبداد ممن أعلى منه،
كما في قصة (مركب نقص).
أمّا
السرد فقد كان متباينًا من سرد بضمير المؤنث إلى سرد بضمير المذكر، بهذا الانتقال
من ذات ساردة بصيغة المؤنث لصيغة المذكر، أو العكس طيلة نصوص المجموعة، يلمح بشكل
مباشر تقريبًا إلى رسالة من الكاتبة ترفض من خلالها تصنيف مجموعتها ضمن الأدب
النسائي لأن مشكلتها الأساسية وطنها الذي ينزف من ويلات الحرب، فهي قضيتها الاولى،
متل قصة برغماتي وقصة نذور الوطن في بعض القصص تشابك الواقع بالخيال، متل قصة سيرة
ذاتية التي تشير الى رحلة البحث عن الذات عندما يفقد الانسان وطنه الأم. ورمزت
الكاتبة إلى الأم بالقصة بالوطن وعندما يفقد الإنسان وطنه فيصبح ضائعًا وإن وجد
وطنًا بديلًا كتلك القطة التي وجدت من رعاها إلا انه يحن الى جذوره الى وطنه الأم.
استخدمت الكاتبة بعض الرموز جعلت القارىء يتأمل
فلسفة الكاتبة توجهاتها وأفكارها مما أضفى على النص حالة جمالية متأنقة متل رمز
البرغماتي و المرأة التي رأتها عند نفق القطار, التي هي ذات الساردة التائهة نفسها.
ظهرت
بعض مصطلحات المهنة التي مارستها الكاتبة في حياتها في المجموعة، متل عنعن وتشريح
الموتى و مصطلح برغماتية حملت بعد النصوص دلالات ثقافية وشعبية كالأمثال السورية )بتموز بتغلي المي بالكوز)
لغة النصوص في هذه المجموعة القصصية كانت تمتاز
بالتباين والتنوع فمثلًا نجد القاصة تقوم بمزج اللغة الفصحى وتطعّمها أحيانًا
بالعامية السورية, وتضفي عليها صبغة سورية. استمتعت بقراءة المجموعة القصصية جدا
التي تشي بكاتبة متمكنة من ادواتها الفنية ولغتها البلاغية تمنياتي للدكتورة عبير
يحيى الكاتبة والناقدة مسيرة ابداعية حافلة بالتألق .. 14/4
إبريل 14
/2019
تعليقات
إرسال تعليق