مقدمة لديوان ( ضحكة الصابرين ) للشاعرة المصرية ريهام عبد الله بقلم د. عبير خالد يحيي

 



ريهام عبدالله شاعرة مرسومة بلوحة ألوانها قصيدة

أدهشتني قصائد هذا الديوان( ضحكة الصابرين) كثيرًا! أخذتني في عوالم مختلفة, كان الصوت فيها واحدًا مع اختلاف في شدة نبرته, صوت يحمل من الحنيّة والصدق والعذوبة الشيء الكثير, وأمّا من تطلقه؛ ففتاة في مراحل عمرية مختلفة, وكأنها كبرت مع القصيدة, أو أن القصيدة عاشت بين أضلعها, تخرجها كلّما حزبها همّ أو طاف بها فرح...

بدأ الديوان بصبية قمحية تطلق زغاريد الفرح, و عيونها العسلية تمطر من مزنة مرّت بها, تزف الشهيد وتتغنّى بحب ( بهية), تغني مواويل البطولة والرجولة على أرض الطور( سيناء) المباركة حيث أقيمت أعراس جماعية لأهل الجنة حضرتها الملائكة التي حملت المواكب إلى السماء...

في قصيدة (أم العريس) تخاطب الأم هكذا:

يا ام العريس ارقصي على رمل سينا

شافت وسمعت دقته على باب نبينا

والجنة عارفة فرحته وبتنادينا

بتقول يا بخت اللي فرح وجه يلاقينا

 

يا ام العريس ارقصي ده الأرض شاهده

على كام عريس كانوا هنا والزفة واحده

ياما ارتوت من مسكهم كام ألف وردة

وزرع مروي بضيّهم ضلل علينا

ولنقف قليلًا على الصور التي تقطر حزنًا في قصيدة ( بهية), وبهية هي مصر كما هو معروف, الأرض تحزن لمقتل أبناءها, لا ترتوي بدمائهم معاذ الله, بل تغضب لهم وخصوصًا إن كان القتل من خيانة وقتل بتفجيرات إجرامية:

بس الخيانه ... هي الخيانة

صابت الولد وسط الولاد

والخسة كانت دي الزناد

والشر كان مخفي و زاد

وسط الزحام وسط السواد

عيون بهية دمعت

صرخت وقالت سمعت

حق الولد فين يا بلد

زينه الشباب كان السند

والصبية عشيقها النيل, تسهر معه, تشرب ماءه ولا تشبع, هناك مقولة ( من يشرب من ماء النيل يعود له مرات أخرى) هذا الغريب, فكيف بمن يقيم على ضفافه؟! النيل عندها عشق ومشرب ومغسل وضوء ودفء حضن, اختار هذه الصورة المذهلة من قصيدة ( وسهرانة على نيلك), صورة مبتكرة جدًا وردة مسقية بلون النيل:

وبغسل وشي أتوضا

وبدعي تفضلي شابة

بضحكة ترسمي ورده

ومسقية بلون نيلك

شاعرة مترعة بحب مصر والتفاخر بأمجادها, استعرضت لنا في ( أوبريت ادي الجمل وادي الجمال ) كل تاريخ مصر بأمجاده وبطولاته, لكنها أيضًا ممتزجة بالهمّ العربي, أهدت شعب فلسطين قصيدة من أهم قصائدها ( أنا الفارس) :

أنا الفارس يا فلسطين

وبسلاحي يموت ملايين

ولا مرة تشوفك عين

حزينة بتبكي من ظالمين

أما الصبية الحالمة, نبرة الحب عندها حكيمة, صادقة, عفيفة, مخلصة, وأحيانًا مشبعة بالخيبة, من قصيدة (لا تقول كلمة أحبك) أختار ما يلي :

لا تقول كلمه أحبك

إلا للي شال ف همك

هم حزنك .. هم وجعك

هم بعدك عن سماه

من (نقطه بيضا) تعكس الإخلاص بمنظورها هي, الإخلاص = نقطة بيضا , لون وأثر:

نقطة بيضا ف الزمن ده

هيا قلب الطيبين

قلبهم عايش بورده

فيها ريحة مخلصين

تطلّ علينا بعدها الشاعرة الطفلة, بشقاوتها وبراءتها, وكأني أرى ( فيروز الصغيرة) تغني وترقص وتضحك , تعيدنا إلى الزمن الجميل, عمر البراءة المزهو بالعفوية والحرية التي لا يسعها أفق ولا فضاء, ( قطقوطة ) تحب التمثيل ودلع البنات, من قصيدة ( التمثيل من يومي ف دمي) نقف على الآتي:

التمثيل من يومي ف دمي

كنت بعيشه قدام أمي

وابكي واضحك ع اللي يلومني

وأعيش ظالم ع اللي ظالمني

كنت بظبط الأداء

كنت بعيط و أقول واء

كنت بنافس

ف حوار فاكس

أصله ف دمي زي الداء

تغني للتكتوك:

طب وانت يا عم التكتوك....

مش ماشي وليه تتلكك....

ومعلق قرد ف استك....

مزيكل وطبل ورقص......

مش شايفك غير صوت بس.....

هوه انت عندك نقص؟

 

وبعد, الديوان زاخر بالقصائد المتنوعة المواضيع, قطع ( بزل) مجموعة بتركيب مدروس ليظهر لنا صورة ريهام عبدالله بكل تفاصيلها الرائعة, الصابرة و العاشقة والمخلصة, محاطة بهالة سحر تنافس لوحة ( موناليزا).

#دعبيرخالديحيي

 

 

 

 

 

 

 

 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سرد الاغتراب والبحث عن المعنى قراءة ذرائعية في رواية ( منروفيا ) للكاتب المصري أحمد فريد مرسي بقلم الناقدة السورية د. عبير خالد يحيي

إشهار كتاب النزعة الصوفية والنزعة التأملية في شعر الأديب السوري منذر يحيى عيسى

أدب الرحلات المعاصرة: سفر في الجغرافيا والذات دراسة ذرائعية مستقطعة على كتاب (نيويورك في عيون زائرة عربية) للكاتبة اللبنانية هناء غمراوي بقلم الناقدة السورية د. عبير خالد يحيي