قراءة في كتاب ومضات الشاعرة عبير العطار /وحدك في الصورة تكفي/ بقلم د. عبير خالد يحيي

 



عندما يكون العشق فارسًا في ساحات الحكمة

عندما عرفتها لأول مرة, قرأت في ملامحها أشياء كثيرة, أتقن قراءة الوجوه, وأتسلل منها, قد أنزع بعض الأقنعة وأنظر إلى المخبوء وراء الساتر, رأيت شموخًا وإباءً عجيبًا, تمردًا يخاف منه الخطأ, و يتردد أمامه الطغيان, نزعت السواتر لأنفذ إلى الداخل, ضحكت عندما تيقنت من ظني ...! عوالم من طيبة وإخلاص وحب وتفاني, وعشق ... امرأة من كبرياء وعشق ... برادوكس عجيب من قسوة وحنان, عاطفة و فكر, جنون وحكمة, بحر وسماء, أمل ويأس ...  معادلة مزدوجة, يُفترض أنها سهلة الحل, لكنها ممتنعة إلّا على من يحترف حلها...

سلاحها حرف وشهقة, وأحيانًا صرخة, وأحيانًا دمعة, تمسحها بنهاية كل جملة, تهبّ واقفة لترسم بسمة, عنوانًا لنصر ينحر خيبة, وتلقي حكمتها منحةً تغادر لتقطف النجوم, وتلاعب القمر ...

تساؤلاتها تثير نوازع الروح نحو الفلسفة, جدليات قد تحار أمامها الأجوبة, تطرحها وتمضي :

-         ما الذي أوجع دفائن القلب لتتعالى على سطح بركانٍ أحمق ظن أن براءته   تشفي جروح الزمن الممهد للضياع؟

-         هل الخداع طريق المتوعدين للانتقام من الحب؟

-         كيف تستطيع أن تتنفس السعادة وحولك يسكن الاشقياء؟

-         هل علمت الآن لم نُخبئ أنفسنا في أسرارنا؟! نحن وأنفسنا أولى من الغريب.

 

أما فلسفة الأشياء عندها فلم أجد لها سابقة..! عشقية.. تبهر كل من يهوى الجدل, وتغلب كل محاور :

1-      يسألني الرحيل...إذن أعِد إليّ دقات قلبي لأحزم حقيبة الهوى.

2-      أتى الخيال يسألني:هل لازال الشوق يسكن قلبك؟ فأطلقت يدي اتجاه السماء أستطلع نجمي الذي استظل خلف تلال الكون.

3-      راح يسألني عن الابتسامة ؟ نظرت له بقلبي المبتهج صامتة.

4-      يسألني أين أنتِ الآن؟ أُحاول اصلاح قلبي ليتناسب وحبك.

5-      يسألني ما أخبار بريق عينيكِ؟  فتخجل ابتسامتي.

6-      يسألني إلى متى انعدام التوازن؟ حتى يجود قلبك بنبضة اشتياق.

7-      يسألني أيجوز أن أتجاهله؟ كيف وأنا رسول القلب لمدائن العشق التى يحكم.

8-      يسألني أين أنت مني الآن؟ في سدرة قلبك.

9-      يسألني هل سأكفّ عن الدوران حول حبه؟ حين تنفرط مسبحة قلبي.

10-  يسألني كيف يكون العتاب بلا جروح؟نظرة صامتة أسددها إليك.

11-  يسألني كيف كان الحنين عند الغياب؟ نظرتي الدامعة إلى صورةٍ كانت يوما تجمعنا.

12-  يسألني عن طفولتي؟ قلتُ حين أدور حولك  في لحظة فرح.

13-  يسألني عن الأحلام؟قلتُ:الخيال لايبث إلا حلماً واحداً أنت مضمونه.

14-  يسألني ما سر دفء اليدين؟ قلت: أوتذكر قُبلتك التى طبعتها على يديّ مُذ تعارفنا؟!

15-  يسألني ما كل هذا الاختفاء؟ قلتُ:سافرت في وريدك أنبض بك حبا

أُمارس طقوس العشق في تفاصيل الجسد.

16-  يسألني كيف العطاء الآن؟ قلت: كمن تدرب في كهف الحياة على النجاة

ثم جاء سيل النكران ليمحو بريق الشمس الذي تقت إليه وأنا في ظلمة الصبر.

هذه العاشقة المتيمة بجنون الحب, هي نفسها التي تقطر حكمة عندما تعضها نوائب الدهر, فتغدو أعقل العقلاء:

     1-القابض على الحق لا يلزمه لزوجة الباطل.

     2-السعادة المزيفة هي التى نتوهّمها خلف الأبواب...وتحت ملاءة ظلام
        وبين سواتر القلب.

     3-الصمت حيلة من لا حيلة له عند تساوي كل الأشياء.

4-ازرع في قلب أعدائك لفتة كريمة تجبرهم على احترامك فهو أقوى من انتزاع نفس اللفتة من محبيك

5-الثقة بالنفس تجعل الغيرة رهن الاعتقال

     6-لا تُعرّي نواقص غيرك وأنت لا تجد من يستر نواقصك سوى أوجاعك    

     الدائمة .

7- كن صاحب هدفٍ ورسالة فلم يميزك الله بالعقل لتكون منسياً مهجوراً

مخزونها المعرفي اللغوي والثقافي, المستقى من مصادر عديدة , يطفو على سطح بحرها العميق, كسمك صعد ليرى القمر في منتصف شهر قمري, تحترف الاقتباس...! وتختار التناص مع المعقول  كتاب الله عز وجل مع محكم الآيات :

1-      لكم هجرة قلبي ولي عبيري الساكن فيه.

2-      أحمل منسأة الحياة وأتامل المستقبل البعيد وأوقن بالنتائج.

3-      في بخس البيع لا تبِعْ أنت الآخر كن إيجابيا واشترِ نفسك بكل ما تملك

4-      ويؤم الحزن صلاة قلبي, ليعلم المسبحون بحمد الحب أن ما ولاّهم عن قبلتي إلّا الأوجاع.

5-      لن أتراجع عن قِبلتي التى وجهت قلبي إليها فقد انتهى عصر العبيد.

6-      ماذا لو جمعنا الوجع في سلة وهم وتيمّمنا الفرح؟!

وللحب طقوسه عندها, والكثير من العلوم و التعريفات, مدرسة لو فتحت صفوفها لتخرّج منها الأوفياء بشهادات امتياز :

·        الحب هوأن يملأ هو فراغات الروح فيها وتملأ هي هالات العظمة عنده...

·        حين يتحامل الحب على سقف القلب ليوجعه أو يوقعه أو يتلف خلاياه!

·        تعاهد الاهتمام والحب على الإفتراق طواعية فلا وقت للاهتمام ولا ذُل في الحب.

·        أعلم كيف التأنق في حضرة الحب؟!فخمر أحرفي قد أسكر نبضك الساكن في قلبي

·        لايكسرني البعد والأنين طالما كسرت كبرياء الحب الذي يكتنفني.

·        الحب كلمة يتيمة تختال وحدها في القلوب العاشقة.

·        رقيقٌ هو الحب فلا تجعله يتكسر بغلظة تصرفاتك

·        أعزلٌ هو الحب، يمشي بقوة الثائر وإيمان المجاهد وبشاشة الأطفال
        لا يحمل على ظهره إلا كِسرة من مشاعر وشربة حنان.

·        حين ينفكّ الأنا والأنت أحتاج وسادة ارتياح أدسُّ فيها الخيبة وأنفض عنها رائحة الحب.

·        فجأة تختلج أوجاع الحب بذاكرة الضمير.

·        قال: أحبيني حتى تُحييني قلتُ: لو شققت القلب يوما،لو حقنت البرد دِفئا, لو أبدلت الأسماع ذكراً، لوجدت نفسك في رحم فكري لا يغيب.

وتأبى روح الشاعرة فيها إلّا أن تتسيّد ذاتها, تفخر بها وتباهي حروف القصيدة, القصيدة التي تنظم حروفها من عشق وحب, وأمل وحياة, وأنفة وشموخ:

·        يخالجني التردد لأكتب فَرْوَعة الكلمة, أن تخرج في ألق وشموخ
كما صاحبها لا هزيلة مريضة، فلا زلت في حضرة النفس أِراجعها وأُلقي على مسامعها تعاليمي الجديدة.

·        أخيرًا وحدي  أقف على حافة القصيدة أُنشدها وتستمع لي النجوم البعيدة والشموس التى تتبارى على السطوع في المجرات

·        أنت قصاصة عشقٍ لمقدمة القصيدة وأنا الحروف المهدرة من نظم القوافي.

·        زهوري ملّت قبلاتي,أملأ فراغات قلبي بدموعي وأنا وحدي أجف انتظارا عليلا.

·        وحرفي الذي اشتد عوده ليهجوك مال على قلبي وقال اهدأي فكل النائبات تصير إلى العدم إذا ما عدت للأمل الذي يرجوك.

·        الألوان ذُبحت على قارعة القصيدة, لم أنل من القضية إلا مرافعاتٍ بألوان الطيف وسط أمطارالدفاع ونهاياتٍ متلاشية الحيرة حيث الإمضاء بنقطٍ سوداء متقطعة.

·        أنت خارج نصي سقطتَ وحدك والفواصل انتظرت الكثيرلأُعيد صياغة الحب الذي بيننا فلم يمهلني الوقت والأقلام جف مدادها فلم نكتمل على وزنٍ ولا تفعيلة.

·        انتظرت الكثيرلأُعيد صياغة الحب الذي بيننا، فلم يمهلني الوقت، والأقلام قد جف مدادها فلم نكتمل على وزنٍ ولا تفعيلة.

 

وماذا بعد يا سادة ...؟ هذه هي عبير العطار: الشاعرة, العاشقة, الفيلسوفة, الحكيمة, المتمردة, التي أنهت حكاية عشقها كما بدأتها .. وحده في الصورة يكفي...  تفرّد بامتلاك قلبها, تربع على عرشه:

 وحدك في الصورة تكفي ... أنت الإضافة حين يتهاوى عن قلعتك البشر.

#دعبيرخالديحيي

 

 

 

 

 

 

.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سرد الاغتراب والبحث عن المعنى قراءة ذرائعية في رواية ( منروفيا ) للكاتب المصري أحمد فريد مرسي بقلم الناقدة السورية د. عبير خالد يحيي

إشهار كتاب النزعة الصوفية والنزعة التأملية في شعر الأديب السوري منذر يحيى عيسى

أدب الرحلات المعاصرة: سفر في الجغرافيا والذات دراسة ذرائعية مستقطعة على كتاب (نيويورك في عيون زائرة عربية) للكاتبة اللبنانية هناء غمراوي بقلم الناقدة السورية د. عبير خالد يحيي