مقدمة لديوان ( لم أنا) للشاعرة اليمنية / ملاك القحطاني / من منشورات دار ( المبدعون) بقلم الناقدة السورية الدكتورة عبير خالد يحيي

 


 

درجت العادة عندي- عندما يطلب مني التقديم لديوان أو مجموعة قصصية – أن أذهب إلى تفحص العنوان مباشرة,  سيما إذا كنت لا أعرف الشاعر معرفة كافية, لا شخصيًا ولا أدبيًا, أنظر إليه (العنوان) باعتباره عتبة علي أن أتخطاها متفحّصة, أو بابًا يُغلق على محتوى الديوان, وعلي أن أفتحه لألج إلى الداخل, أقرأ من خلاله الشاعر أيضًا, إذ تتبدّى لي من خلاله الملامح الخارجية, وكذلك بؤرة التنوير القابعة في ظلام دواخله المجهولة أساسًا بالنسبة لي ...

الشاعر يختار أقرب قصيدة إلى نفسه, ويجعلها صورة يضعها في الصدارة, مرسوم فيها صورته هو , دواخله هو , والكل ينظر إليها من زاويته, لكنها تبقى محط أنظار الجميع .

لمَ أنا ) كانت تلك الصورة المتصدرة, والتي اعتبرتها كبؤرة أساسية ثابتة Static Core وقد كانت فعلاً كذلك إذ حوت جميع المواضيع التي عرضت لها الشاعرة /ملاك القحطاني / في نصوصها, ضجّت بالتساؤلات الحائرة, عن أعماق الأنثى, المثقلة بالأحزان, والآهات والشقاء, والظلم والألم , وما يرافق ذلك من تداعي الجوارح لآلام الروح...

عندما تكتب عن الحب تستغرقها الحالة, لكنها تبقى تذكّرنا بأنها الشامخة المعتزة بنفسها, ملكة تستحق الكثير من الحب, وتعطي الكثير منه.

العجيب أنها تغرق في حزنها, مستحضرة كل أجوائه, بطقوس احتفالية .

تفخر بنفسها, تجد نفسها مختلفة, لا تشبه النساء, تسأل دائمًا عن ماهيتها, بتساؤلات فلسفية, قصيدة / لا أشبههن بالثرثرة

وعندما تتحدث عن حرفها, عن لغة الضاد, تنتشي روحها, وتستقيم قامتها, تبتهج, ينتابها جنون تطرب له.

والوطن حاضر في كل قصائدها, رمزاً ووضوحاً, تتألم لأوجاعه , تتحسر على ما آل إليه حاله, تسقطه على عزيز وغالي, هو خالد وقيمة قدسية كبيرة ...

والأب مثالها الأعلى, نصّبته ملكًا, أجلسها على عرشه, والأم حنان لا يشح ولا ينقص..

تمكنت الشاعرة / ملاك القحطاني /من نقل صورة بيئتها ومحيطها, وجعلتنا نتعاطف مع كل ما فيه, يتأثر بها كل حر أبي .

الصدق صبغة طاغية على العاطفة والمبنى, واضح جدًا قوة العاطفة, وجرأة الطرح, بما لا ينفي شفافية الإحساس, وجمال الأخيلة.

ديوان / لم أنا/ يتصاعد من بين دفتيه حكايات الشاعرة, وكأنها تحدّث روحها, دون أن تهتم لمن يسمع, مع يقينها بأن الكل يسمع...

إليها أهدي تقديري وتحياتي وودي, وأبارك لها هذا الإصدار المميز , متمنية لها إطلاق المزيد من إبداعاتها في فضاءات الأدب .

الدكتورة عبير خالد يحيي.

سوريا

#دعبيرخالديحيي                                   20 مارس 2017

الوصف: C:\Users\pc\Pictures\لم أنا.jpg

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفلسفة الذرائعية العربية واشتراح المصطلح رواية (رحيل السومري الأخير) للأديب والمنظر عبد الرزاق عوده الغالبي إنموذجًا دراسة ذرائعية مستقطعة بقلم الناقدة الذرائعية د. عبير خالد يحيي

أدب المرايا من الكلاسيكية إلى المعاصرة في رواية / نساء المحمودية / للأديب المصري منير عتيبة دراسة ذرائعية تقنية بقلم الناقدة السورية د. عبير خالد يحيي

حمولةُ الرمز التقني من سخرية وتهكّم غضبٌ إنساني يدلقه قلم الأديب محمد إقبال حرب في روايته / العرافة ذات المنقار الأسود/ تعضيد نقدي ذرائعي بقلم الناقدة الذرائعية د.عبير خالد يحيي