المشاركات

عرض المشاركات من مارس, ٢٠٢٢

إن عُرف السبب....

صورة
  أصبح مرآه جزءًا أساسيًّا ضمن برنامجي اليومي الاعتيادي، كلما ذهبتُ إلى عملي صباحًا، أراه منتصبًا في نفس مكانه المعتاد،   أقسم صادقًا أنه لا يتزحزح عنه شبرًا، اختاره في الجهة المقابلة لبوابة كلية الهندسة تمامًا، ويقوم بفعل غريب جدًّا, و مثير للضحك, وأحيانًا للاستغراب والتساؤل، هو مسالم جدًّا, لا يؤذي أحدًا، فقط يصفّق بيديه بوجه من يخرج ومن يدخل من تلك البوابة، ولا يتوقّف عن التصفيق، وكأنّ يديه ما خُلقتا إلا لهذا الفعل، ويدوم فعله فترة مدار سفر الشمس اليومي، ويرحل عند رحيلها ليختفي في ظلمة الليل وفي متاهات أسراره، وهذا ما أثار استغرابي وجعلني ألاحق موقفه إرضاءً لفضولي القاتل واللامحدود ...... لا يكلّم أحدًا، ولا يتكلّم معه أحد، وإن حدث لا يرد، لفتني وضعه الغريب كثيرًا مُذ قدمت إلى هذه البلاد غريبًا، أيامٌ مرّت والبلاد تتخلّلها اضطرابات، فُرض على إثرها حظرُ تجوال, بعد مغيب الشمس حتى صباح اليوم التالي، وغيّبت تلك الفترة صاحبنا عن ساحتها، وأحسستُ بالقلق، هو ليس قلق بحق, بل فضول بشري،   وكأنه   شخص يهمّني حقًّا، سألتُ من يقف عادةً بهذا

نيران صديقة

صورة
  صاحبة وجه ملائكي، صنعها الخالق من طينة الجمال، ونفخ فيها من روحه، وأسكنَ الرضى في قلبها، والبسمة في محيّاها، وطبَع بالطيبة والدّماثة أخلاقها، فجاءت متكاملة ...كان اسمها بسمة. الطيبون للطيبات، ولأنّها من هؤلاء الطيبات كان نصيبها طيبًا، وكانت الذرية منهما على مستوى رفيع من الأدب والأخلاق والطيبة ... مرّت الأيام عليها مرورها على كلّ البشر، كبر أولادها، فرحت بزواج كلّ واحد منهم، البنات, منهنّ من استقرت في نفس البلدة, ومنهنّ من كان نصيبها الاستقرار في بلدات قريبة مجاورة، أمّا الشباب فجميعهم بقَوا بنفس البلدة ... هذه البلدة التي كان لها مع الموت لقاء غريب ! عندما بدأت بذور الصراع في بلدنا مطالِبةً بالإصلاح أولًا، وبالحريّة لاحقًا، ثم خرجت المطالِب إلى نطاقات أخرى، من شعب ظنّ خطأً أَنَّهُ والسلطة مُؤهلون لتجربة الديمقراطية، ومع إهراق أوَّل قطرة دم على أرض الوطن، تحوّلت الأوضاع وانقسم الشعب إلى موالين للنظام، ومعارضين له، طبعًا لم يخلُ الأمر من وجود فئة رمادية بين هذين القسمين، لا مع ولا ضد، هذه الفئة كانت تلتزم الصمت، حيال كلّ ما يجري، طالما أن المعارك بعيدة عنها، الفئة الرابعة التي ط

غاب .. وعاد

صورة
  فترة التحليق التي استغرقت حوالي الساعتين ونصف الساعة، كانت فرصة مؤاتية لتحليق آخر ، تحليق في الخيال يبني فيه كل الوعود التي قطعَها لملكة أيامه القادمة، ركاب الطائرة قليلو العدد، لكن الجميع يشكون، انتظروا بالمطار فترة طويلة حتى قدمتْ الطائرة، هناك طائرة واحدة هي العاملة على متن الخطوط الوطنية بالنظر إلى الظروف الصعبة التي يمرّ بها البلد، تعمل دون تقيّد بالوقت، ولا بموعد، قد تتأخر وقد لا تأتي أبدًا، وكل عبارات التذمّر التي يتلفّظ بها الركاب غير مؤثّرة ولا مثمرة، لذلك, آثر عدم التفاعل, معهم والغرق في خيالاته اللذيذة .. . يعود إلى الوطن ليلقاها، جمعه بها هذا العالم الأزرق العجيب، الذي اختصر الكثير من السبل للوصول إلى الأهداف المختلفة، حتى نافس (الخاطبة ) التي كانت نقطة اتصال ووصول عند كلا الجنسين. عرفها منذ حوالي سنة، تواصلا خلالها، وجد فيها كل مايرومه في أميرة أحلامه، حمد الله أنها بنت بلده, وإن كانت من مدينة غير مدينته، أخضعها للعديد من اختبارات القبول دون أن تدري، اجتازتها بنجاح, أيضًا دون أن تدري، ولعلها أيضًا اختبرته دون أن ي

وانتصرت

صورة
آااااااخ ...... صرخة نبتت في أديم القلب ونمت وتصاعدت لتطلقها الروح عاليةً في فضاءات الرحمة، "وهل هناك رحمة ؟ " سألت أمي عنها يومًا فنهرتني : " وهل نتكاثر إلّا بها؟ حتى الحيوانات تتراحم، هي رحمة قسّمها الله إلى بضع وتسعون جزءًا ترك لنا واحدًا نتراحم به واحتفظ ذو الجلال بالباقي ؟ " ... لكن, يبدو أن الجزء المقسوم للعباد قد بدأ بالتلاشي، أو لَعَلَّه يهرب خائفًا من هول ما يرى ... تتهاوى أعضائي العلوية إلى الأسفل كفعل المغناطيس بالحديد، الحديد صلب لكنه يقرّ بعجزه أمام المغناطيس، أحاول جاهدةً أن أقاوم السقوط، لكني أعجز ! قيودٌ تأبى إلّا أن تزيّن معصمي بل وأخرى تصعد إلى عضدي، تتدلّى منها سلاسلَ كملابس إغراء ترتديها غانية، تجذبني إلى عوالم سفلية بغيضة, لاااااا أريد أن أدخلها... لكنها أخذتني فقاومتُها بغيبوبة.. لن أراها لن أراها ...أطبقت جفوني باستسلام .. سأغيب مختارة، ربّما يُهيّأ لي أَنِّي مختارة، لكن لا ضير, المهم أن أهرب ولو إلى قبر ... صار الوضع سيئًا جدًّا برأي من يحيطون بي . " أنت تدخلين في غيبوبات م

وفاء اللؤلؤ

صورة
  كلّما حزبني أمر أشدّ الرحال إليه لأُلقي فيه دواخلي، يهدهدني بذراع أمي، ويقوي من عزيمتي بلسان أبي، يأتيني بصوت أختي مناديةً : " هيا تعالي اشتقت إليك " ، يسمعني ضحكات صاحباتي وربعي يتصايحن :" من يستطيع الغوص والبقاء لأطول وقت ممكن تحت الماء ؟ " . طبعًا أنا ومن يجاريني في ذلك، يجلب لي أغاني البحَّارة الذين جابوا آفاقه منذ القدم، كم كانت أغانيهم جميلة, وكم حملت أشواقًا وقصصَ عشق وتباريح وجد، وبغفلة منه تسرّبتْ صرخاتُ ذعرٍ ترافقت مع همهمات, فهمتُ لغاتَ بعضها وجهلتُ الأخرى, لكنها بالتأكيد أدعية واستغفار واسترحام قبل موت غادر ، سمعتُ بكاءَ أطفالٍ ونساءٍ وشبابٍ وشيوخٍ لم يخبروا منه سوى الغرق، لملمَ تلك الأصوات معتذرًا مني, وقال : " سقطتْ سهوًا ... ! كما سقطتْ بعض أسرار البشر... !" . قلت له : -          وهل تسقطُ الأسرار , وهل تشي بها؟ -          أوصلها فقط للمحبين   -          ولكنها أسرار -          نعم، لكنها قيلت لي عمدًا لأوصلها إلى من عجزتْ القلوب عن إيصالها إليهم -          وهل بحتَ بحنيني ؟ -          لا أخفيكِ, نعم، إلى كل من كان على

الحبيب الأول

صورة
تسقط اليدان على ذراعي الأريكة متهالكة، في محاولة إسعافية للحؤول دون سقوط كتلة التعب الضخمة أرضًا، فالوقوع الآن خطر ، لن يشعر بها أحد, فالكل نيام بعد ليلة عصيبة قضوها بالمشفى, انتهت برجوعهم إلى البيت:" هناك وقت قد يطول، عودوا بها إلى البيت لترتاح، الانتظار في البيت أفضل من المبيت في المشفى " . كان هذا قرار الطبيب المشرف على مراقبتها خلال الشهرين المنصرمين، _" ولكنها نزفت كثيرًا دكتور " . نطقتها أمها بجزع، نظرة الطبيب الصارمة أسكتتها، التفتت إلى أب امتقع وجهه خوفًا، وإلى زوج لبسته الحيرة حتى بدا كالمشدوه، " هيا لننفّذ أمر الطبيب فهو أدرى " . عادوا أدراجهم يلفهم صمت غريب، قطعته بسؤال خرج ضعيفًا من فم استسلم لقدر ظنّه يسبق الموت بقليل : " تخفون عني أمرًا، هل هناك خطر على طفلي ؟ " . ترد الأم بسرعة : " لا لا لا ... هذا أمر طبيعي، فأنت (بكريّة) والبكريّة   معرضة لمثل هذه الأمور وأكثر ، اهدئي واستكيني " . " _ هذا الطبيب يؤرقني, منذ أن راجعته من حوالي شهرين رأيت في عينيه